الملخص

لقد أقرّ علماء الاجتماع في جميع أنحاء العالم بأن وباء الكورونا COVID-19 له آثار غير متكافئة على مختلف الفئات الاجتماعية والاقتصادية، الأمر الذي زاد من مظاهر عدم المساواة القائمة بين هذه الفئات. هذا الوباء أبرز وعزّز الانعدام القائم في المساواة الاجتماعية والاقتصادية في فرص العمل والمدخولات، ولا سيما بالنسبة للنساء والأقليات العرقية. سنعرض في هذه الدراسة بعض التحليلات الأولية لشرح الطريقة التي أثر بها هذا الوباء اقتصادياً على الرجال والنساء الفلسطينيين ومختلف الطوائف الدينية داخل المجتمع الفلسطيني في إسرائيل.

يشكل  المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل أكثر من خُمس السكان الإسرائيليين ويتألف من أغلبية مسلمة (نحو 84٪) وأقلية مسيحية ودرزية (تشكل كلّ منهما 8٪). كما تختلف هذه الفئات من حيث الخصائص الاجتماعية والاقتصادية (مثل متوسط التحصيل العلمي ومعدلات التوظيف)، ومواقفها إزاء مكانة المرأة في المجتمع، ومعدلات النمو الحضري الحديثة.

المقدمة

شهد المجتمع الفلسطيني في إسرائيل تحولاً اجتماعيًا كبيراً خلال العقود الأخيرة. ولعلّ أهم تغيير حدث هو الزيادة الملحوظة في معدلات التحصيل التعليمي بين أفراد المجتمع الفلسطيني في إسرائيل بالنسبة للرجال والنساء على حد سواء. وقد أدت هذه الزيادة إلى ارتفاع عدد الرجال الفلسطينيين الذين اتخذوا وظائف مهنية وإدارية. في الفترة بين عامي 2011 و2016 ارتفعت نسبة الرجال الذين شغلوا هذه المناصب من 15.2٪ إلى 20٪ (CBS ،2011-2016). وبنحو متزامن، تضاعف معدل مشاركة المرأة في قطاع التوظيف الرسمي من 10٪ في عام 1970 و20٪ في عام 2010 (خطّاب وميعاري، 2013) ليرتفع إلى 34٪ في عام 2018 (CPS، 2018).  كما أن معدلات التوظيف أعلى نسبيًا عند خريجات الجامعات، اللواتي يعمل أغلبهن في مهن يهيمن عليها العنصر الأنثوي مثل التعليم والتمريض والرعاية الاجتماعية (يوناي، 2018). إن تزايد انخراط النساء الفلسطينيات في سوق العمل الإسرائيلي أمر جدير بالملاحظة على وجه الخصوص، نظرا لمعدلات مشاركة النساء المنخفضة في القوة العاملة في هذا المجتمع. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال معدلات تشغيل النساء أدنى بكثير من معدلات تشغيل الرجال الفلسطينيين والنساء اليهوديات الإسرائيليات، إذ وصلت نسبة الرجال الفلسطينيين 65% والنساء اليهوديات 64% سنة 2018 (دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، 2018).

 إن التحولات الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية التي طرأت على المجتمع الفلسطيني المقيم في إسرائيل، والتي أشرنا إليها أعلاه، والتي تتمثل في توسيع نطاق فرص التعليم والعمل مصحوبة بتغييرات هيكلية في الاقتصاد الإسرائيلي، أدت إلى ظهور طبقة متوسطة فلسطينية جديدة في السنوات الأخيرة (حيدر، 2019). وتظهر البيانات الاقتصادية الأخيرة أن ما يتراوح بين 23٪ و28٪ من الأسر الفلسطينية في إسرائيل يمكن إدراجها ضمن مسمى “الطبقة المتوسطة”، و3٪ يمكن اعتبارها من “الطبقة العليا”، بينما تنتمي الأسر الباقية إلى “الطبقة الدنيا”. وعلى الرغم من ظهور طبقة متوسطة في المجتمع الفلسطيني، إلا أن فرص العمل بالنسبة لأغلب الفلسطينيين في إسرائيل محدودة جداً. وهذا هو الحال بشكل خاص بالنسبة للنساء. ويتلخص الدافع الرئيسي وراء هذا الإجحاف الاجتماعي الاقتصادي في التمييز بين الطوائف الدينية-العرقية في المدن والقرى التي تفتقر إلى الموارد والبنى التحتية القوية، فضلا عن التمييز المؤسسي والانحياز الصارخ ضد الفلسطينيين. ويتجلى هذا الاجحاف الاقتصادي النسبي في المجتمع الفلسطيني في حقيقة مفادها أن ما يقرب من 60٪ من الرجال الفلسطينيين يعملون في وظائف متدنية في المستوى والمهارات مقارنة بنحو 27٪ من الرجال اليهود (CBS، 2015).

لتصفح الورقة كاملة