راسم محيي الدين خمايسي
استهلال
تواجه السلطات المحلية العربية تحديات كثيرة في ظرفية ومكانة المجتمع الذي تسعى الى تقديم الخدمات له، وإدارة حيزه لتؤمن النمو والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. ومما يزيد من هذه التحديات وقوع السلطة المحلية العربية بين مطرقة السياسات الحكومية الاقتصادية المُمَيِزة ضدها، وتحول هذه السياسات الى المسارات النيوليبراليه/ الرأسمالية الجشعة، وبين سندان المجتمع في البلدات العربية، والذي يعاني من شح الفرص والموارد ومن أنماط سلوكية اقتصادية، اجتماعية وثقافية سياسية تقليدية تعيق التنمية الاقتصادية الاجتماعية للسلطات المحلية العربية. بالإضافة لوقوع السلطات المحلية العربية بين المطرقة والسندان، فان مؤسسة السلطة المحلية نفسها تعاني من نقص في الموارد المالية والإدارية، وعجز اداري سياسي يشكل عبئ على هذه المؤسسة. هذه التحديات والاعباء تترك أثرها على أداء السلطة المحلية العربية، وتضيق فرصة انتقالها من جسم اعتباري تمثيلي مقدم خدمات، الى جسم اقتصادي مبادر يسعى الى تحقيق نجاعة اقتصادية. ضيق فرص الانتقال هذا مرده لعدة اسباب جزء منها متعلق بأداء السلطة المحلية نفسها، وأخرى متعلقة بظرفية المجتمع المحلي وبالسياسيات الحكومية الاقتصادية الممارسة من قبل الحكم المركزي تجاه الحكم المحلي بشكل عام، والسلطات المحلية العربية بشكل خاص، وفرص التنمية المُمكِنة والمُمَكِنة لتوسيع الفعاليات الاقتصادية التي تعود بالفائدة الاقتصادية على السلطة المحلية بشكل خاص، وعلى المجتمع بها بشكل عام. لأجل فهم الواقع الاقتصادي للسلطات المحلية العربية والتحديات والاعباء التي تواجه التنمية الاقتصادية الاجتماعية لا بد من رصد وعرض ظرفية هذه السلطات وفهم التحولات التي تمر بها.