الأرض والمسكن روافع اقتصادية

راسم محيي الدين خمايسي

تعتبر مسائل الأرض والمسكن احدى القضايا المركزية في حياة المواطنين العرب، وموجوده دائما على سلم أولويات جدول اعمال، كلا من القيادات وافراد المجتمع، عاملين من اجل الدفاع عن الأرض حمايتها، حفظها وتخطيطها لتشكل مركب مركزي في توفير المسكن وخلق روافع اقتصادية في البلدات العربية. هذه المسائل لها ابعاد وطنية، قومية، قيمية، رمزية، خدماتية واقتصادية. في هذه المقالة الموجزة لا نسعى للتركيز على الجوانب القومية والوطنية لمسألة الارض والمسكن لدى المواطنون العرب الفلسطينيون (فيما يلى المواطنون العرب)، بل نرغب بتناولها من الجوانب الوظائفية الاقتصادية، مع وعينا ان هناك ارتباط عضوي وثيق بين الجوانب الوطنية\ القومية والرمزية وبين الجوانب المدنية\ الوظائفية والاقتصادية لمسائل الأرض والمسكن، خاصة في حالة استمرار الصراع على ملكية، إدارة وتخطيط الأرض وتوفير المسكن بين مؤسسات الدولة وبين حاجة ومكانة المواطنون العرب.
ان توفير الأرض هو شرط اساسي لتوفير المسكن وتطوير الحيز الحضري والقروي، على ما يشمله من خدمات ووظائف تشكل متطلبات وجودية للإنسان. توفير الأرض يتم بواسطة امتلاكها او تخصيصها من قبل الدولة او السلطة المحلية والمؤسسات الاهلية المالكة والمتصرفة بالأرض. لكي يستطيع المالك او المتصرف استخدامها لمشروع سكني او مشروع اقتصادي خدماتي، لا بد ان تخصص الأرض لهذه الغايات حسب قانون التنظيم والبناء المعمول به في البلاد. تمنح حسب هذا القانون رخص بناء وتطوير بموجب مخططات هيكلية مقرة بموجبه. كما ان من شروط اخذ رخصة تطوير في الأرض توفر اثبات ملكية على الأرض مسجل في السجل العقاري. من يقوم بمنح رخصة بناء وإصدار كوشان طابو او وثيقة امتلاك وتصرف في الأرض هي المؤسسات الحكومية العاملة. كما ان هذه المؤسسات هي التي تحدد لمن تنتسب الأرض من حيث وقوعها ضمن أي منطقة نفوذ سلطة محلية. هذه العوامل (رخصة البناء، كوشان طابو، تقسيم الأرض بين مالكين وبين سلطات محلية)، تساهم كثيرا في تحديد فرص التطوير على الأرض وسعرها. معظم هذه العوامل متأثرة بشكل مباشر من السياسات الحكومية وتطبيقها على زيادة العرض، لتلبية احتياجات الطلب المجتمعي على الأرض، وتمكين توفير حلول سكنية للمجتمع بالحجم، الشكل والموقع المناسب. هكذا فان توفير الحلول السكنية مرتبط بتوفير الأرض. كما ان توفير المسكن لا يقف على كونه مطلب اجتماعي، بل هو محرك اقتصادي رئيسي يدفع الدائرة الاقتصادية في البلدة، وذلك يشمل شراء ارض، بناء البيت وتفعيل المؤسسات الاقتصادية (عمال، حرفيون، تجار ومصانع) لتوفير متطلبات البناء والاشغال للبيت. بهذا السياق، تهدف هذه المقالة الموجزة القاء بعض الضوء على الجوانب الاقتصادية والوظائفية لمسالة الأرض والمسكن لدى المواطنين العرب، من خلال عرض موجز لسبل توفير الأرض، ادارتها، استخدامها، عمليات البيع والشراء والمرابحة بها، كثافات استخدامها، ونختم بعرض بعض آفاق سياسات مشار اليها لكي نحرك العملية الاقتصادية المتعلقة بالأرض والمسكن في البلدات العربية لتلبي احتياجات المواطنين العرب، اخذين بعين الاعتبار التحولات القيمية والسلوكية التي يمر بها هذا المجتمع المتنوع. نعتمد في عرض المقالة على المنهج الوصفي النقدي المقارن، معتمدين على أبحاث سابقه أجريت كذلك من قبل الكاتب، والذي يستخدم منهجية “الباحث كلاعب” بصفته “مخطط فَعّال مقاوم” يعمل في مجال التخطيط ليلبي احتياجات المواطنين العرب في محيطهم ووطنهم.

 

أبحاث أخرى

تقرير المواصلات – بيان صحفي
التقاعد المبكر بسبب التهميش الجنساني والعرقي
السلطات المحلية العربية وتحديات التنمية الاقتصادية
مظاهر مختلفة للتمييز ضد المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل

Accessibility Toolbar