عقد المنتدى الاقتصادي العربي مؤتمره السنوي الثاني، وذلك يوم الخميس الماضي (10/3) في قاعة ذبّاح في دير الأسد. وتناول المؤتمر هذا العام اقتصاد المجتمع العربي من حيث نموه وفرص إنعاشه والتحديات المحيطة به. وحضر المؤتمر عددٌ كبير من رجال الأعمال العرب، مبادرون وممثلون عن شركات تنموية رائدة في قطاعي المال والأعمال.

كما شارك في المؤتمر ضيوفُ شرفٍ كان من أبرزهم رئيس الدولة يتسحاق هيرتسوغ( كلمة مسجّلة) ومحافظ بنك إسرائيل، بروفيسور أمير يارون، ورئيس لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية، محمد بركة، ورئيس اللجنة القطرية للسلطات المحلية، مضر يونس، ورئيس القائمة المشتركة، أيمن عودة، ونواب كنيست، ورؤساء سلطات محلية، السيد سمير حليلة والسيد ابراهيم برهم من إدارة مركز التجارة الفلسطيني، ومدير عام مكاتب الجامعة العربية الأمريكية في الضفة الغربية د. عنان الديك.

استهل المؤتمر الذي عقد بالشراكة مع صحيفة “كلكليست” وسلطة التطوير الاقتصادي، بكلمة ترحيبية من رئيس مجلس إدارة المنتدى الاقتصادي العربي، الأستاذ عيسى خوري، قال فيها إن المؤتمر يبحث في القضايا المتعلقة بمعوقات النمو الاقتصادي وتحسين مكانة المجتمع العربي اقتصاديا، وذلك عبر تسليط الضوء على قضاياه الحيوية والطارئة وطرح الحلول لها من جهة، والتركيز على التوجهات الاستراتيجية من جهة أخرى.

وينعقد المؤتمر هذا العام بعد انقطاع بفترة تفشي جائحة الكورونا ليشكل أكبر وأشمل ملتقى لأصحاب الشأن في قضايا الاقتصاد والتنمية في المجتمع العربي، حيث يستقطب النخب الاكاديمية، ممثلي المؤسسات الحكومية، قطاع الأعمال الخاص من المجتمع العربي والاسرائيلي، والمصنعين والنقابات العمّالية، إلى جانب سياسيين وصناع القرار في المكاتب الوزارية والسلطات المحلية. 

36% من النساء العربيات فقط يندمجن في سواق العمل

وسلّط المؤتمر الضوء على التحديات التي تواجه أبناء المجتمع العربي للاندماج في سوق العمل من خلال محاضرة رئيسية لمحافظ بنك إسرائيل البروفيسور أمير يارون، حيث تطرق من بين ذلك لشريحة النساء، إذ تشير المعطيات الحديثة لعام 2020 الى أن نسبة النساء العربيات في سوق العمل لا تتعدى 36% مقابل 82% من النساء في المجتمع الإسرائيلي. ويُستشفُّ من الدراسة التي أجراها بنك إسرائيل أن من أهمّ الأسباب التي تساهم في زيادة الفجوات هو غياب الوعي المجتمعي تجاه أهمية دمج النساء العربيات في سوق العمل، بالإضافة الى ذلك فان الدراسة ترى بأن ثمة مسؤولية على أرباب الصناعة وأصحاب القرار في المجتمع العربي من أجل إتاحة فرص العمل للنساء العربيات. وجاء في الدراسة أيضا الى أن نسبة الرجال العرب في سوق العمل حتى عام 2020 بلغت 69% مقابل 86% لدى الرجال في المجتمع الإسرائيلي.

تحديات ومعيقات

وناقش المؤتمر جملة التحديات والعقبات التي يواجهها الشبان العرب في الاندماج بسوق العمل، حيث أظهرت دراسة بنك إسرائيل الى أن العائق الأول هو تردي حال جهاز التعليم الذي يعاني من سوء كبير في البنية التحتية والمناخ التعليمي المناسب كما هو الحال في المجتمع الإسرائيلي، وهذا ينعكس سلبا في الأداء والتحصيل العلمي للطالب العربي سواء في مراحل ما قبل الجامعة وما بعدها، إذ تشير المعطيات الصادرة في عام 2018 الى أن نسبة الطلاب العرب قطاع “الهايتك” بلغت 12%، أما نسبة الطلاب العرب في مسار التعليم العالي فهي 17%، ونسبة الحاصلين على شهادة ” البجروت” التي تؤهلهم لدخول الجامعة 18%.

30% من الشباب العرب فقط يجيدون اللغة العبرية بمستوى عالٍ

ومن أبرز التحديات التي تواجه أبناء المجتمع العربي، هي مهارات اللغة العبرية، إذ تشير المعطيات الصادرة عن بنك إسرائيل في عام 2020 الى أن 30% فقط من أبناء الفئة العمرية (20-24) يجيدون اللغة العبرية بمستوى عالٍ، الأمر الذي يقف عائقا أمام النسبة العظمى في الانخراط في سوق العمل الإسرائيلي الذي يتطلب مهارات عالية في اللغة العبرية.

وتخلل المؤتمر جلسات حوارية لمناقشة القضايا الحارقة والملحة في المجتمع العربي، مع ممثلين عن شركات اقتصادية ورجال أعمال، وباحثين وأكاديميين،وصنّاع قرار.

الموارد الحكومية وكيفية الاستفادة منها

الجلسة الأولى كانت بعنوان ” موارد الدولة، هل هي لجميع مواطنيها؟”، وتم التطرق فيها الى الخطة الاقتصادية الحكومية، وآليات الاستفادة منها وتحوليها من ميزانيات إلى مشاريع عمل، وكان ضيوف الجلسة، كل من؛ المحامي مضر يونس، رئيس اللجنة القطرية للسلطات المحلية العربية، والسيدة ناريمان سليمان، من مؤسسة “بنفسي”، والسيد سامي لهياني، من سلطة التطوير الاقتصادي في المجتمع العربي. وأدارت الجلسة السيدة سوزان حسن ظاهر.

سوق الائتمان.. فرص وتحديات

الجلسة الثانية، كانت بعنوان “سوق الائتمان في المجتمع العربي، ما بين الفرص والتحديات”، وأبرز ضيوف الجلسة كان المراقب على البنوك يائير أفيدان، بالإضافة إلى رئيس سلطة سوق المال، التأمين والتوفير. وأدار الجلسة المحامي فيّاض طميش من مكتب ” فيشر”.

مجال الهايتيك رافعة اقتصادية جديرة بالاعتبار

الجلسة الثالثة ناقشت قطاع التكنولوجيا وريادة الأعمال ما بين الواقع الموجود والأمل المنشود في مجتمعنا العربي، وحضرها لفيف من رواد الأعمال، والعاملين والمؤثرين في قطاع الهايتك، وأدار الجلسة السيد خليل شواهنة.

المال وسبل تجفيف منابع السوق السوداء

الجلسة الرابعة ناقشت موضوع “المال في خدمة الجريمة المنظمة في المجتمع العربي”، وطرح المشاركون في الجلسة بدائل وطرق للخروج من هذا المستنقع من خلال إقامة مبادرات ومشاريع اقتصادية توفر فرص عمل كثيرة وتقطع الطريق أمام السوق السوداء. ومن أبرز من حضر الجلسة، كان المدير العام السابق لبنك اسرائيل، السيد حيزي كالو، والسيد درور متيتياهو، المحامي الشريك في مكتب “فيشر”. أدار الجلسة الصحافية سميرة حاج يحيى.

المحيط العربي والفلسطيني والتبادل الاقتصادي

الجلسة الخامسة تناولت موضوع التجارة الإقليمية مع دول الجوار، والتبادل التجاري والتعاون الإقليمي وكيفية الاستفادة منه اقتصاديا، ومن أبرز من شاركوا بالجلسة، السيد سمير حليلة من إدارة مركز التجارة الفلسطيني، والسيد سمير خوري من شركة س.ك للهندسة. وأدارها الصحافية دانيا مصالحة.

الكلمة الختامية لمدير المنتدى

واختتم المؤتمر بكلمة من مدير المنتدى الاقتصادي العربي، د. سامي ميعاري، الذي شكر فيها الحضور على المشاركة في المؤتمر، وقال إن المنتدى الاقتصادي العربي وضع نصب عينيه تطوير الاقتصاد في المجتمع العربي، وسد الفجوات من خلال إقامة مشاريع اقتصادية وتنموية، والتشبيك مع الجهات المعنية محليا وإقليميا. وشدد د. ميعاري على اهمية التنفيذ الى جانب التخطيط والتوصيات في المؤتمرات واللقاءات المهنية حيث استعرض جزءا من إنجازات المنتدى الاقتصادي الى جانب تنظيم وتوحيد رجال الأعمال العرب تحت مظلة واحدة، وقد بلغ عدد أعضاء المنتسبين للمنتدى حتى الآن 150 ما بين رجال وسيدات أعمال عرب، الأمر الذي يسهم إيجابا في ازدهار ونمو  اقتصاد المجتمع العربي.

توصيات المؤتمر

وأوصى المشاركون في المؤتمر بعدة نقاط مهمة من أجل العمل على سد الفجوات وتذليل العقبات في كافة القطاعات، ومن أبرزها:

  • دعم وتطوير ما كان قد بدأ المنتدى الاقتصادي العمل به منذ انطلاقه، وهو تعزيز العمل المشترك مع رجال الأعمال وصنّاع القرار والجهات الحكومية الرسمية بشكل متواصل واستراتيجي.
  • العمل أكثر على تعزيز مفهوم التربية المالية، والاحتواء المالي، وإنشاء مشاريع في هذا السياق في المجتمع العربي.
  • إقامة جسم مهني يضم أصحاب كفاءات وخبرات من أجل تحويل ميزانيات الخطة الاقتصادية الحكومية إلى برامج ومشاريع على أرض الواقع لسد الفجوات التي يعاني منها المجتمع العربي.
  • النهوض أكثر بقطاع تكنولوجيا المعلومات (هايتك) من خلال توحيد الجهود لبناء خطة شاملة ومشتركة للأطر المؤثرة في بيئة العمل، والسير نحو بناء مبادرات ومشاريع تكنولوجية تعزز الوعي المجتمعي تجاه هذا القطاع من جهة، وتساهم في خلق فرص عمل من جهة أخرى.
  • توظيف المشاريع والمبادرات الاقتصادية لمحاربة العنف والجريمة، وسد الطريق أمام التوجه للسوق السوداء لأخذ قروض، ومحاربة ظاهرة ” الخاوة”.
  • تعزيز التعاون المشترك وتبادل الخبرات مع أرباب الصناعة وصنّاع القرار في مناطق الضفة الغربية ودول الجوار في كافة القطاعات.
    مقالات أخرى

    لا توجد مقالات